مسرحية دمشق .. تكريس للنظرة الغربية النمطية للمجتمع العربي
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مسرحية دمشق .. تكريس للنظرة الغربية النمطية للمجتمع العربي
"دمشق" هو عنوان المسرحية التي نظمها المركز الثقافيُّ البريطانيُّ وعرضَها في ستًّ دول عربية هي سوريا ، ولبنان ، والأردن ، وفلسطين ، ومصر ، وتونس ، وذلك ما بين شهري آذار ونيسان من هذا العام (2009). مؤلف المسرحية هو الكاتب ذو الشهرة ديفيد كريغ. عرْضُها في عمان كان مساء أول أمس ، وشاهده في المسرح الرئيس بمركز الحسين الثقافيّ ـ رأس العين جمهورّ بدا عليه اهتمام بالغ في العمل يمكن ردّه إلى ما أثير من جدل حول المسرحية بعد عرضها في دمشق نفسها.
تجري أحداث المسرحية في صالة فندق صغير ، وهي تلقي الضوء على أثر المفاهيم المسبقة والصور النمطية التي تحكم كيفية تفاعل الناس معاً ، وارتباطَ بعضهم ببعض. يتبلور ذلك من خلال شخصية 'بول' الذي يسعى إلى تسويق كتابه الجديد حول تعليم اللغة الإنجليزية في دمشق: ثم نقاشاته الساخنة مع نماذج مختلفة من المواطنين ، وجولاته في المرافق القديمة للمدينة. في الحقيقة ، لا يمكن وصف لغة الحوار في المسرحية إلاّ بأنها لغة متماسكة ، وأميل إلى الزعم بأنّ كلّ جملة قيلت في هذا الحوار تحمل مضموناً زخماً لا يحيل إلى النظرة الغربية النمطية للمجتمع العربيّ الإسلاميّ فحسب ، بل إلى العرب كيف ينظرون إلى أنفسهم على اعتبارهم الطرف الستلب في علاقتهم مع الغرب ، وبالتالي كيف يتصرفون ، في ضوء هذه النظرة ، مع الغرب نفسه. أمّا أهم المواضيع التي تجلت من خلالها نظرة الغرب النمطية إلى العرب فتتضمن ـ كما جرت العادة ـ الديمقراطية ، العقد الجنسية ، عدم المساواة الاجتماعية بين الجنسين (جرائم الشرف مثلاً) ، التنشئة الاجتماعية القائمة على قتل النزعة الفردية ، النفاق السياسيّ ، وغير ذلك.
ثلاثة نماذج قدمتها المسرحية للفرد العربيّ: النموذج الأول هو زكريا: موظف الاستقبال بالفندق الذي سيقيم فيه توم ، وهو شاب قروي الأصل ، يسيطر عليه الكبت الجنسيّ ، وهو عاجز عن إقامة أية علاقة جنسية (عادة ما يفكر في مثل هذه العلاقة مع فتيات غربيات) ، والنموذج الثاني هو منى: وهي من أصل فلسطينيّ ، ومثقفة ، غير أنها تبدي نوعاً من الممانعة لأيّ تغيير بسبب كونها مسكونة إلى حد بعيد بمقررات المجتمع ، أمّا النموذج الثالث فهو المنافق السياسيّ وسيم ، وهو يمثل الرقابة الصارمة في المجتمع العربيّ على الكتب ، ويرفض بشكل قاطع السماح لكتاب بول أنْ يُنشرَ ليقرأه الأطفال ويتعرفوا من خلاله إلى العالم الناطق باللغة الإنجليزية.
ستنشأ علاقة صداقة بين زكريا وبين بول ، زكريا الذي كان يحلم بالذهاب إلى أميركا منذ سنوات مراهقته في قريته ، وهو ما زال يحلم بمغادرة بلاده إلى الغرب. سيكتب زكريا قصة حياته ، ويعطيها إلى بول ليقدمها ، بوصفها سيناريو ، إلى هوليوود. وسنكتشف أنّ حياة زكريا ، كما كتبها هو ، تتلخص ربما في ثلاث جمل يصف بها أنه من قرية ، وكان يحب تسلق شجرة ليذهب إلى أميركا. بول سيأخذ المخطوطة من صديقه ، غير أنّ زكريا سيجدها ـ ليلة سفر بول ـ فرب سلة النفايات ، فيحاول أنْ يقنعه بأخذها مرة أخرة ، لكنّ بول يرفض ذلك بشكل قاطع ، ويبرر رفضه بأنه لا يستطيع أنْ يأخذ حياة زكريا ، طالباً منه الاحتفاظ بها: فيجب أنْ تظل في دمشق. في النهاية ، وهي نهاية المسرحية ، سيظهر زكريا وفي يده مسدس ، وسنعرف أنّ هذا المسدس طاف برحلة انطلقت من روسيا ، ثم العراق ، ثم مصر ، ثم سوريا (وللمسدس قصة تتعلق بالإرهاب) ، زكريا يضع فوهة المسدس في فمه ، ثم يضغط على الزناد.
من وجهة نظري الخاصة ، من الضروريّ أنْ يتعرف العرب على صورتهم في ذهن الآخر الغربيّ بخاصة ، ومن الضروريّ أنْ يتعرف العالم الغربيّ على صورتهم في الذهن العربيّ ، ولعل الأسئلة التي طرحها الكاتب والباحث ماهر سلامة في غاية الأهمية في هذا السياق: فقد تساءل أمام الذين حضروا حلقة نقاش مصغرة جداً مع المخرج والممثلين حول قضايا كثيرة من بينها سبب صعوبة الحوار بين ثقافتين ، ومنشأ التعصب ، وعن الثقافات إذا كانت تختلف في قيمها اليومية أم في مبادئها الإنسانية ، وعن الشروط التي تجعل ثقافة ما مستلبةً إلى ثقافة أخرى ، وعن الكيفية التي يمكن أنْ نكسر من خلالها دائرة الحدود المغلقة لنقيم آفاقاً للانفتاح أمام الآخر الإنسانيّ ، وكيف أنّ الآخر قد يكشف لنا أشياء لا نستطيع اكتشافها أو رؤيتها بأنفسنا.
تجري أحداث المسرحية في صالة فندق صغير ، وهي تلقي الضوء على أثر المفاهيم المسبقة والصور النمطية التي تحكم كيفية تفاعل الناس معاً ، وارتباطَ بعضهم ببعض. يتبلور ذلك من خلال شخصية 'بول' الذي يسعى إلى تسويق كتابه الجديد حول تعليم اللغة الإنجليزية في دمشق: ثم نقاشاته الساخنة مع نماذج مختلفة من المواطنين ، وجولاته في المرافق القديمة للمدينة. في الحقيقة ، لا يمكن وصف لغة الحوار في المسرحية إلاّ بأنها لغة متماسكة ، وأميل إلى الزعم بأنّ كلّ جملة قيلت في هذا الحوار تحمل مضموناً زخماً لا يحيل إلى النظرة الغربية النمطية للمجتمع العربيّ الإسلاميّ فحسب ، بل إلى العرب كيف ينظرون إلى أنفسهم على اعتبارهم الطرف الستلب في علاقتهم مع الغرب ، وبالتالي كيف يتصرفون ، في ضوء هذه النظرة ، مع الغرب نفسه. أمّا أهم المواضيع التي تجلت من خلالها نظرة الغرب النمطية إلى العرب فتتضمن ـ كما جرت العادة ـ الديمقراطية ، العقد الجنسية ، عدم المساواة الاجتماعية بين الجنسين (جرائم الشرف مثلاً) ، التنشئة الاجتماعية القائمة على قتل النزعة الفردية ، النفاق السياسيّ ، وغير ذلك.
ثلاثة نماذج قدمتها المسرحية للفرد العربيّ: النموذج الأول هو زكريا: موظف الاستقبال بالفندق الذي سيقيم فيه توم ، وهو شاب قروي الأصل ، يسيطر عليه الكبت الجنسيّ ، وهو عاجز عن إقامة أية علاقة جنسية (عادة ما يفكر في مثل هذه العلاقة مع فتيات غربيات) ، والنموذج الثاني هو منى: وهي من أصل فلسطينيّ ، ومثقفة ، غير أنها تبدي نوعاً من الممانعة لأيّ تغيير بسبب كونها مسكونة إلى حد بعيد بمقررات المجتمع ، أمّا النموذج الثالث فهو المنافق السياسيّ وسيم ، وهو يمثل الرقابة الصارمة في المجتمع العربيّ على الكتب ، ويرفض بشكل قاطع السماح لكتاب بول أنْ يُنشرَ ليقرأه الأطفال ويتعرفوا من خلاله إلى العالم الناطق باللغة الإنجليزية.
ستنشأ علاقة صداقة بين زكريا وبين بول ، زكريا الذي كان يحلم بالذهاب إلى أميركا منذ سنوات مراهقته في قريته ، وهو ما زال يحلم بمغادرة بلاده إلى الغرب. سيكتب زكريا قصة حياته ، ويعطيها إلى بول ليقدمها ، بوصفها سيناريو ، إلى هوليوود. وسنكتشف أنّ حياة زكريا ، كما كتبها هو ، تتلخص ربما في ثلاث جمل يصف بها أنه من قرية ، وكان يحب تسلق شجرة ليذهب إلى أميركا. بول سيأخذ المخطوطة من صديقه ، غير أنّ زكريا سيجدها ـ ليلة سفر بول ـ فرب سلة النفايات ، فيحاول أنْ يقنعه بأخذها مرة أخرة ، لكنّ بول يرفض ذلك بشكل قاطع ، ويبرر رفضه بأنه لا يستطيع أنْ يأخذ حياة زكريا ، طالباً منه الاحتفاظ بها: فيجب أنْ تظل في دمشق. في النهاية ، وهي نهاية المسرحية ، سيظهر زكريا وفي يده مسدس ، وسنعرف أنّ هذا المسدس طاف برحلة انطلقت من روسيا ، ثم العراق ، ثم مصر ، ثم سوريا (وللمسدس قصة تتعلق بالإرهاب) ، زكريا يضع فوهة المسدس في فمه ، ثم يضغط على الزناد.
من وجهة نظري الخاصة ، من الضروريّ أنْ يتعرف العرب على صورتهم في ذهن الآخر الغربيّ بخاصة ، ومن الضروريّ أنْ يتعرف العالم الغربيّ على صورتهم في الذهن العربيّ ، ولعل الأسئلة التي طرحها الكاتب والباحث ماهر سلامة في غاية الأهمية في هذا السياق: فقد تساءل أمام الذين حضروا حلقة نقاش مصغرة جداً مع المخرج والممثلين حول قضايا كثيرة من بينها سبب صعوبة الحوار بين ثقافتين ، ومنشأ التعصب ، وعن الثقافات إذا كانت تختلف في قيمها اليومية أم في مبادئها الإنسانية ، وعن الشروط التي تجعل ثقافة ما مستلبةً إلى ثقافة أخرى ، وعن الكيفية التي يمكن أنْ نكسر من خلالها دائرة الحدود المغلقة لنقيم آفاقاً للانفتاح أمام الآخر الإنسانيّ ، وكيف أنّ الآخر قد يكشف لنا أشياء لا نستطيع اكتشافها أو رؤيتها بأنفسنا.
رد: مسرحية دمشق .. تكريس للنظرة الغربية النمطية للمجتمع العربي
شكرا الفارس البلوووشي واصل ابداعك اخي
قلب الاسد
قلب الاسد
LiOn_HeArT- >¯¨'*•~-.¸¸,.-~*' (المــــــــــديرالعـــــــــام للمـــــنتدى) ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*'
- عدد الرسائل : 480
العمر : 31
الموقع : https://5areaboys.ahlamountada.com
المزاج : كــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول
نقاط التميز : 50
رقم العضوية : 1
البلد : عمـــــــــــــان
تاريخ التسجيل : 06/10/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى